التطرف فى الهوان
ولماذا يعجز الإنسان عن أن يكون وسطا ، لماذا لا يرفض أن يكون ترابا حينما يعجز عن أن يكون كوكبا ، ولماذا يصر على أن يكون كل النذالة حينما يقضى عليه بأن يكون بعض النزالة ، ولماذا يسجد للصنم حينما يعجز عن تحطيمه ، ولماذا يهتف للطاغية ويبيع أو يهب كل شىء فيه وعنده له حينما يكون عاجزا عن نقده وإعلان الكفر به ، ولماذا لا يصمت عن قول الباطل والكذب حينما يخاف من قول الحق والصدق ؟ .
لماذا لا يكون وسطا بين هذا وهذا ، بين البطولة والنذالة ؟
أليس أفضل لنا أن نكون جبناء مقهورين من أن نكون كذابين منافقين ؟ أليس خيرا للمرء أن يكون مغلوبا جبانا صامتا عن قول الصدق من أن يكون شجاعا على الجهر بالكذب والنفاق ، قويا فى مواكب الجبارين ، منتصرا على فضائل العاجزين الذين لا يستطيعون أو يرفضون أن يكونوا كذابين منافقين محظوظين ؟
ولكن أية قيمة لهذه المواعظ البليغة التى أحاول بسذاجة أن أعظ بها وحشية الطبيعة ، وهل الطبيعة تستطيع أن تفهم لغة الوعظ وبلاغته ؟ ألست هنا كمن يعظ البرغوث أو الصرصار ليكون شيئا أفضل أو أنظف ؟ أطلب من القارىء أن يغفر لى سذاجتى .
إنى أدعو إلى الرثاء والصلاة من أجل من لا يستطيعون أن يكونوا رافضين متحدين ، فلا يجدون مكانا بين التحدى والرفض وبين أن يصبحوا دعاة ومعلمين لمعانى السقوط ولممارسته وإبتكار أنواعه الجديدة .
ادعو إلى الرثاء والصلاة من أجل أولئك الذين يتعاملون مع كل أعضائهم ويرفضون التعامل مع بعض عقولهم ، ومن أجل كل الذين يخافون على أربابهم ومذاهبهم وتقاليدهم وأخلاقهم من أتقى أفكارهم ولا يخافون عليها من أفسق شهواتهم - يخافون عليها من أن تراها العقول ولا يخافون عليها من أن ترى هى الفضائح - يخافون عليها ممن ينظرون إليها ولا يخافون عليها ممن يتعرون أمامها ! .
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
كلمات : عبدالله القصيمى
التسميات: القصيمى
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية